شاهد أجمل تحفة أثرية في أعماق جبال السعودية تروي قصة 10 أجيال من الإبداع
في أعماق سلسلة جبال السروات جنوب الطائف، تقع قرية الخرفي بمحافظة ميسان، التي تحتضن إرثًا تاريخيًا فريدًا يتمثل في "مقاري النحل" الأثرية. هذه المناحل، التي يعود تاريخها إلى أكثر من عشرة أجيال، تُعد شاهدًا حيًا على براعة الإنسان في تكييف البيئة لخدمة احتياجاته.
تتألف هذه المقاري من بناء هندسي متقن يصل إلى أربعة أدوار، حيث استُخدمت الحجارة الصلبة والأعمدة لدعم الأرضيات، ورُصفت بشكل متوازن وقريب من بعضها البعض. اختير موقعها بعناية بين الجبال، حيث التنوع النباتي الغني بأكثر من 50 نوعًا من النباتات العطرية المحلية، مثل الشذاب والرياحين والدوش والحبق والضرم، مما يوفر بيئة مثالية لإنتاج أجود أنواع العسل.
المصور الفوتوغرافي عبدالرحمن الحزابي تمكن من توثيق هذه التحفة المعمارية باستخدام طائرته الدرون، معبرًا عن دهشته من جمالها وكيفية وصول السكان الأوائل إليها دون وسائل نقل حديثة. وأشار إلى صعوبة الوصول إلى الموقع، مما يجعله مناسبًا فقط لأصحاب الخبرة ومستخدمي سيارات الدفع الرباعي.
تُعد مناحل العسل في ميسان مصدرًا رئيسيًا لإنتاج وبيع العسل في المملكة، حيث تشمل الأنواع المنتجة عسل السمرة والسدرة والصيف والسيالة. تربية النحل من أقدم المهن التي مورست في مختلف مناطق المملكة، ويُعتبر العسل غذاءً صحيًا وعلاجًا شافيًا للعديد من الأمراض.
على الرغم من القيمة التاريخية والاقتصادية لهذه المقاري، إلا أنها تعاني من الإهمال ونقص الاهتمام. طالب عدد من المهتمين وزارتي السياحة والزراعة والبيئة وهيئة التراث المعماري بالاهتمام بقرية الخرفي وإعادة تأهيلها، ودعم المزارعين لإحياء هذه المهنة التراثية. كما دعوا أمانة الطائف والبلديات التابعة لها إلى تعبيد الطرق المؤدية إلى القرية وتهيئتها لاستقبال الزوار والسياح، نظرًا لما تحتضنه من أسرار تاريخية وقيمة ثقافية.
تظل مقاري النحل في قرية الخرفي رمزًا للإبداع البشري والتكيف مع الطبيعة، وتستحق الاهتمام والتطوير لتبقى شاهدًا على تاريخ المنطقة وإرثها الثقافي.