أخبار

توغل إسرائيلي في المنطقة العازلة جنوب سوريا.. محافظة القنيطرة تأريخ طويل من الأحداث العسكرية

ترندي نيوز - خاص

استغل جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحاب قوات نظام الأسد من مواقعها العسكرية للتوغل في منطقة القنيطرة جنوب سوريا حيث سيطرت على قمة جبل الشيخ وعدد من القرى والبلدات المحيطة بها ضمن المنطقة منزوعة السلاح، متوغلة بعمق يصل إلى 18 كيلومترًا داخل الأراضي السورية.

وتقع منطقة القنيطرة في الجزء الشمالي الغربي من هضبة الجولان، وهي منطقة استراتيجية ذات تاريخ طويل ومعقد، حيث شهدت العديد من الأحداث العسكرية والسياسية، وأثرت بشكل كبير على النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.

منذ عام 1967، خضعت القنيطرة للاحتلال الإسرائيلي بعد حرب يونيو (حرب الأيام الستة)، ويُعتبر هذا الاحتلال جزءًا من سياق أكبر من النزاع المستمر بين إسرائيل والدول العربية.

التاريخ والسيطرة الإسرائيلية

قبل عام 1967، كانت القنيطرة مدينة سورية هادئة نسبيًا، حيث كانت تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة السورية. المدينة كانت مركزًا مهمًا للزراعة والاقتصاد في المنطقة، كما كانت تتمتع بتنوع ثقافي وسكاني يشمل العرب السوريين، بالإضافة إلى بعض الأقليات الدينية. لكنها في الوقت نفسه كانت محط اهتمام استراتيجي للعديد من الأطراف بسبب موقعها الجغرافي الذي يتوسط مناطق مختلفة في الشرق الأوسط.

وفي عام 1967، وبعد التصعيد العسكري بين إسرائيل والدول العربية، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا على سوريا في حرب الأيام الستة.

وعلى إثر هذه الحرب، احتلت إسرائيل هضبة الجولان بالكامل، بما في ذلك مدينة القنيطرة. بعد انتهاء الحرب، أعلن الجيش الإسرائيلي أن المدينة قد دُمّرت بشكل كامل من قبل القوات السورية أثناء انسحابها، وهو ما جعل القنيطرة واحدة من أكبر الرموز للدمار في المنطقة.

يبس-copy-1733750487
خارطة تقدم الجيش الاسرائيلي في الجولان السوري المحتل (الجزيرة)

الاحتلال الإسرائيلي: الواقع الحالي

منذ عام 1967، أدرجت إسرائيل هضبة الجولان ضمن أراضيها، رغم أنه لا يعترف المجتمع الدولي بهذا الأمر، حيث تعتبر الأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة أن الجولان هو أراض سورية محتلة. في عام 1981، أصدرت إسرائيل قانونًا يقضي بفرض قوانينها المحلية على الجولان، مما أثار احتجاجات واسعة على المستوى الدولي والعربي، حيث اعتبر هذا الإجراء غير قانوني بموجب القانون الدولي.

اليوم، تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الكاملة على هضبة الجولان، بما في ذلك منطقة القنيطرة، حيث أقامت مستوطنات إسرائيلية في المنطقة وأصبحت المنطقة جزءًا من منطقة عسكرية مغلقة. كما تتواجد في القنيطرة العديد من المواقع العسكرية الإسرائيلية التي تراقب الحدود السورية. هذه المنطقة كانت هدفًا للهجمات المتفرقة من قبل جماعات المعارضة السورية خلال السنوات الأخيرة، في ظل النزاع السوري المستمر منذ عام 2011.

ورغم محاولات إسرائيل لتطوير المنطقة، بما في ذلك بناء مستوطنات في محيط القنيطرة، فإن الوضع الأمني في المنطقة لا يزال هشًا، مع تزايد الاشتباكات على الحدود بين الحين والآخر. في السنوات الأخيرة، أصبح تواجد القوات الإيرانية وحزب الله في الأراضي السورية القريبة من الجولان يشكل مصدر قلق لإسرائيل، التي تخشى من استخدام هذه المجموعات للأراضي السورية كنقاط انطلاق للهجمات ضدها.

التحديات الاجتماعية والإنسانية

الحياة في منطقة القنيطرة المحتلة تحت الاحتلال الإسرائيلي تتسم بالكثير من التحديات بالنسبة للسكان المحليين. على الرغم من أن معظم السكان العرب السوريين قد غادروا المنطقة بعد احتلالها، فقد سعت إسرائيل إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة عبر بناء مستوطنات يهودية جديدة، وهو ما ساعد في خلق واقع ديموغرافي مختلف في المنطقة.

ويعاني التعليم، والصحة، والخدمات العامة في القنيطرة من نقص كبير، وتواجه صعوبات نتيجة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية وغياب السيادة السورية على المنطقة.

وقد أشار العديد من المهتمين بالشأن السوري إلى أن إسرائيل لا تقدم الكثير من الخدمات للسكان العرب الذين يعيشون في القرى المحتلة، والتي تم تصنيفها على أنها مناطق غير أولوية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية. كما تواجه القنيطرة تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة القيود العسكرية، والنقص في الاستثمار والتطوير.

القنيطرة في صراع الجغرافيا والسياسة

تتمتع القنيطرة بموقع جغرافي استراتيجي يعزز من أهميتها في الصراع بين سوريا وإسرائيل. حيث تتصل القنيطرة بشكل مباشر مع الأراضي السورية عبر خطوط الجبهة التي لا تزال تشهد نشاطات عسكرية بين الحين والآخر.

لذلك، تشكل القنيطرة نقطة مفصلية في الحوار السياسي بين إسرائيل وسوريا، حيث تبرز القنيطرة كأحد العوامل الرئيسة في أي تسوية محتملة أو مفاوضات بين البلدين.

وفي هذا السياق، يواصل المجتمع الدولي الدعوة إلى عودة الأراضي المحتلة إلى سوريا في إطار عملية السلام، في حين أن إسرائيل ترفض هذه المطالب، معتبرة أن الجولان يمثل جزءًا من أمنها القومي، خاصة في ضوء التهديدات المستمرة من الأطراف المعادية.

على الرغم من الضغوطات الدولية المتزايدة، وتأكيد الأمم المتحدة على أن هضبة الجولان هي أرض سورية محتلة، فإن الوضع في القنيطرة لا يزال في حالة من الجمود. لن تكون القنيطرة مجرد نقطة حدودية في المستقبل القريب، بل هي رمز لعمق الخلافات التاريخية والسياسية التي تقف بين سوريا وإسرائيل.

من غير المرجح أن تشهد المنطقة تغييرات جذرية في ظل السياسات الإسرائيلية الحالية خاصة بعد توغل جيشها في مناطق استراتيجية بالمحافظة، بينما يبقى الصراع على هذه الأراضي حجر الزاوية في الجهود الدولية لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى