هل الذكاء الاصطناعي العام على بُعد سنوات من تحقيقه؟
منذ تأسيس شركة أوبن إيه آي في عام 2015 في سان فرانسيسكو، وضعت الشركة هدفًا بعيد المدى هو تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الذي يحاكي الذكاء البشري ويساهم في تحسين حياة البشر جميعًا.
ورغم أن الشركة تحدثت عن هذه الرؤية الطموحة، فإنها لم تذكر تفاصيل محددة حول موعد تحقيق هذا الهدف حتى وقت قريب. لكن في سبتمبر 2024، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي، إن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI) الذي يتفوق على الذكاء البشري في جميع المجالات قد يصبح واقعًا في غضون بضعة آلاف من الأيام، أي بضع سنوات.
مستويات الذكاء الاصطناعي: من التحاوري إلى الفائق
تُصنف تقنيات الذكاء الاصطناعي حاليا إلى عدة مستويات، كل منها يمثل خطوة في طريق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام والفائق. وقد وضعت أوبن إيه آي خمس مستويات رئيسية، تعكس تطور القدرات والوظائف التي يمكن أن يؤديها الذكاء الاصطناعي:
الذكاء الاصطناعي التحاوري (Conversational AI): هذا هو المستوى الأساسي، ويشمل الأنظمة التي تتيح للأجهزة التفاعل مع البشر باستخدام اللغة الطبيعية، مثل شات جي بي تي و أليكسا و سيري و كوبايلوت.
هذه الأنظمة قادرة على إجراء محادثات مع المستخدمين وتقديم إجابات بناءً على الأسئلة المطروحة، سواء باستخدام النص أو الصوت.
الذكاء الاصطناعي المنطقي (Reasoning AI): في هذا المستوى، يُسعى لمحاكاة التفكير المنطقي واتخاذ القرارات بناءً على بيانات معينة، مثل الأنظمة القادرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات المعقدة. على سبيل المثال، نظام "o1" من أوبن إيه آي يعد خطوة نحو هذه المرحلة، حيث يتم اختبار تقنيات معقدة للمعالجة المنطقية.
الذكاء الاصطناعي المستقل (Autonomous AI): هذا المستوى يتضمن الأنظمة التي يمكنها اتخاذ قرارات وتنفيذ المهام بشكل مستقل دون تدخل بشري.
السيارات ذاتية القيادة، مثل تلك التي تطورها شركات مثل تسلا، تُعد من أبرز الأمثلة على هذا النوع من الذكاء الاصطناعي. في المستقبل، يمكن أن تتمكن هذه الأنظمة من أداء مجموعة واسعة من المهام بشكل مستقل.
الذكاء الاصطناعي الابتكاري (Innovating AI): في هذا المستوى، يسعى الذكاء الاصطناعي لاختراع أفكار أو حلول جديدة بشكل مستقل. يُعد هذا المستوى خطوة متقدمة نحو الذكاء الاصطناعي الفائق، حيث يقوم النظام بابتكار حلول لمشاكل معقدة دون الحاجة إلى تدخل بشري.
الذكاء الاصطناعي التنظيمي (Organizational AI): وهو المستوى الأكثر تطورًا، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدير منظمة بأكملها باستخدام وكلاء آليين. في هذا المستوى، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين العمليات التجارية، وتوجيه القرارات الاستراتيجية، وتحقيق الكفاءة في العمل دون الحاجة إلى تدخل بشري.
الذكاء الاصطناعي العام في 2025: هل هو قريب؟
في نوفمبر 2024، خلال مقابلة مع جاري تان من واي كومبينيتور، عبّر سام ألتمان عن حماسه بشأن تطور الذكاء الاصطناعي العام في عام 2025، مما يشير إلى أن الشركة تتوقع أن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي العام أقرب مما نعتقد.
وفعلاً، أظهرت تقنيات شات جي بي تي 4 تقدمًا هائلًا، حيث أحرز درجات مرتفعة في اختبارات القبول الجامعي الأمريكي، مثل اختبار سات، اختبار القبول في كلية الطب (MCAT)، و امتحان نقابة المحامين، ما يعكس قدراته على التعامل مع مهام معقدة بشكل يتجاوز الأنظمة التقليدية.
هل العالم جاهز لتقنيات الذكاء الاصطناعي العام؟
في المقابل، أثيرت تساؤلات حول جاهزية العالم لاستقبال الذكاء الاصطناعي العام، وذلك مع التحذيرات من المخاطر التي قد تصاحب هذه التقنيات المتطورة.
في 2023، حذر سام ألتمان من أن الذكاء الاصطناعي العام قد يكون متاحاً فقط لفئات قليلة، مما يزيد من التفاوتات الاجتماعية ويؤدي إلى تركيز السلطة في أيدي قلة من الأفراد والشركات الكبرى. كما أن الأمم المتحدة حذرت من الاستخدامات العسكرية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى خطورة تطوير أسلحة ذاتية التشغيل.
العالم ليس جاهزاً بعد، ومن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي الفائق لن يكون مجرد أداة للبشر، بل قد يغير الأنماط الاقتصادية والسياسية العالمية. إيلون ماسك أشار إلى أن هذه التكنولوجيات قد تؤدي إلى حروب جديدة، مشيرًا إلى أن السيطرة على الذكاء الاصطناعي ستكون عاملًا حاسمًا في الصراع العالمي.
الختام: ماذا يحمل المستقبل؟
في النهاية، يشير التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى أننا على عتبة عصر جديد. تقنيات الذكاء الاصطناعي العام والفائق قد تعيد تعريف العمل، التعليم، والصحة، بل وحتى الطريقة التي نعيش بها. لكن مع هذه الفرص الكبيرة، تأتي أيضًا تحديات ضخمة تتعلق بالأخلاقيات، السلطة، والتوازن الاجتماعي. قد يكون الذكاء الاصطناعي الفائق قريبا، لكن السؤال يبقى: هل سيكون الإنسان مستعدًا لذلك؟