أخبار

اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان: خطوة دبلوماسية محفوفة بالأسرار والتحديات

مفاوضات حاسمة بين واشنطن وبيروت وتل أبيب

 تصاعدت وتيرة التصريحات الدولية حول قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يبدو خطوة دبلوماسية تعكس عمق التعقيدات الميدانية والسياسية.

ففي حين أكد البيت الأبيض التزام الرئيس الأميركي جو بايدن بتحقيق وقف إطلاق النار، برزت تصريحات إسرائيلية تتحدث عن أسباب "سرية ومعقدة" تدفع لاتخاذ هذا القرار رغم التحفظات الداخلية.

البيت الأبيض يقود الجهود الدبلوماسية

أعلن الرئيس بايدن عبر بيان رسمي أن إدارته تحقق تقدما في المفاوضات الجارية، مشددا على أهمية العمل الدبلوماسي لإنهاء التصعيد العسكري. وأوضح البيان أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وفريقا من كبار المسؤولين يواصلون التنسيق مع الأطراف المعنية.

كما أشار إلى زيارة مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، إلى السعودية لمناقشة كيفية توظيف هذا الاتفاق لتحفيز جهود مشابهة في غزة.

تقدم ملحوظ لكن بلا نتائج نهائية

أعرب جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، عن تفاؤله بشأن تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، لكنه أكد أن الاتفاق لم يُنجز بعد. وأوضح أن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة يتمثل في تأمين عودة المدنيين على جانبي الخط الأزرق إلى منازلهم، وهو ما يتطلب توافقا نهائيا بين الأطراف.

لبنان مستعد لتنفيذ قرار 1701

على الجانب اللبناني، أكد وزير الخارجية عبد الله بوحبيب استعداد بلاده للوفاء بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن 1701، معتبرا أن تطبيق هذا القرار هو المفتاح لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.

كما تحدث نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب عن "تطور حاسم" متوقع خلال الأيام المقبلة، لكنه أبدى حذرا بشأن نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرا إلى أنه "يصعب التكهن بما قد يفعله".

الانقسام الإسرائيلي حول الاتفاق

في إسرائيل، تتصاعد الخلافات داخل الحكومة بشأن الاتفاق المزمع. فقد نقلت شبكة "إيه بي سي" الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين أن رئيس الوزراء نتنياهو يعقد سلسلة اجتماعات مكثفة اليوم لمناقشة الاتفاق، يتبعها اجتماع للكابينت قد يُصوَّت خلاله على الصفقة.

بينما رحب بعض المسؤولين بالاتفاق كخطوة ضرورية لضمان هدوء الجبهتين اللبنانية والغزاوية، عبّر وزراء متشددون مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير عن معارضتهم الشديدة. وصف بن غفير الاتفاق بأنه "خطأ كبير" قد يفوت على إسرائيل فرصة تاريخية للقضاء على حزب الله، محذرا من أنه "اتفاق هش يسمح للحزب بإعادة تسليح نفسه".

أبرز بنود الاتفاق وتحديات التنفيذ

تشير التقارير إلى أن الاتفاق المتوقع يتضمن انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني ونزع سلاحه في المناطق الواقعة بين النهر والحدود الإسرائيلية، مع السماح بعودة المدنيين اللبنانيين إلى بلداتهم جنوب لبنان.

كما يشمل الاتفاق الحفاظ على حرية التحرك العسكري الإسرائيلي في المنطقة حال انتهاك حزب الله لبنوده.

لكن هذه البنود تصطدم بتحديات على الأرض، أبرزها الخلاف حول آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق وصلاحياتها. وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، هناك 13 نقطة خلافية بشأن الحدود يطالب لبنان بتثبيتها في التسوية، فيما تصر إسرائيل على تأجيلها إلى وقت لاحق.

موقف الولايات المتحدة ودورها المحوري

أكدت الإدارة الأميركية أنها ستلعب دورا رئيسيا في الإشراف على تنفيذ الاتفاق لضمان استمرار وقف الأعمال العدائية لمدة 60 يوما. وقد أشار السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل هرتسوغ إلى أن هذه التفاهمات قد تُمهِّد الطريق لخفض القيود المفروضة على شحنات السلاح الأميركي لإسرائيل، ما يضمن تعزيز قدراتها العسكرية في حال انتهاك الاتفاق.

معارضة داخلية وتخوفات إقليمية

تزامنت المفاوضات مع انتقادات داخل إسرائيل وصفت الاتفاق بأنه "تنازل"، في حين أكد مسؤولون إسرائيليون أن الاتفاق يأتي لتجنب قرار محتمل من مجلس الأمن بفرض وقف الحرب، ولتخفيف الضغط على قوات الاحتياط المستنزفة.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الاتفاق قد يسمح بفصل جبهتي غزة ولبنان، ما يتيح لإسرائيل التعامل مع كل جبهة بشكل منفصل. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن يؤدي الاتفاق إلى إعادة ترتيب أوراق حزب الله على المدى البعيد، مما يضعف المكاسب العسكرية الحالية.

هل الاتفاق مقدمة للسلام أم هدنة مؤقتة؟

بين الآمال بتحقيق استقرار إقليمي والتحفظات بشأن هشاشة الاتفاق، تترقب المنطقة نتائج التصويت الإسرائيلي والمباحثات اللبنانية. وبينما يبدي المجتمع الدولي اهتماما متزايدا بالوصول إلى حل شامل، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الاتفاق خطوة نحو سلام دائم، أم مجرد هدنة مؤقتة في نزاع طويل الأمد؟

 

المصدر: ترندي نيوز+ وكالات
زر الذهاب إلى الأعلى