معركة خان العسل: المعارضة السورية تسيطر على مواقع استراتيجية وتقترب من حلب
شهدت مناطق ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي اليوم الخميس تصعيداً عسكرياً لافتاً مع تمكن فصائل المعارضة السورية من السيطرة على بلدة خان العسل الاستراتيجية وعدد كبير من القرى والمواقع العسكرية.
يأتي هذا التقدم بعد سنوات من سيطرة النظام السوري وحلفائه على هذه المناطق الحيوية، مما يعيد خريطة النفوذ الميداني في شمال سوريا إلى الواجهة.
وفي السياق، أعلنت إدارة العمليات العسكرية التابعة لتحالف من فصائل المعارضة المسلحة السيطرة على بلدة خان العسل، التي توصف بأنها البوابة الجنوبية الغربية لمدينة حلب. ويمر عبر البلدة طريقا "حلب-دمشق" و"حلب-إدلب"، وهما خطان حيويان للنقل والإمداد.
النقيب أمين مليحس، أحد قادة المعارضة، أكد أن السيطرة على خان العسل تعني تهديد الخط الدولي "إم 5"، الذي يعتبر الشريان الرئيسي لحلب. كما أشار إلى أهمية المنطقة كخط الدفاع الأول للنظام عن مدينة حلب، مضيفًا: "إنها نقطة انطلاق نحو حلب نفسها، حيث تقع بعدها مواقع حيوية مثل حي الراشدين الرابعة وحلب الجديدة والأكاديمية العسكرية".
بالإضافة إلى خان العسل، سيطرت المعارضة المسلحة على 32 موقعًا وقرية في ريف حلب الغربي، منها: الهوتة، عينجارة، كفرناها، وقبتان الجبل.
كما أحرزت تقدمًا في منطقة الفوج 46، وهي قاعدة استراتيجية رئيسية للنظام.
في ريف إدلب الشرقي، افتتحت المعارضة جبهة جديدة وفرضت سيطرتها على خمس قرى هي: ترنبة، داديخ، كفر بطيخ، جوباس، وشابور. هذه المواقع كانت تحت سيطرة قوات النظام السوري، وتعتبر ذات أهمية لربط خطوط الإمداد في المنطقة.
وبحسب إدارة العمليات العسكرية، أسرت المعارضة ثمانية عناصر من قوات النظام والمليشيات الموالية لإيران، واستولت على خمس دبابات وعربات عسكرية بالإضافة إلى مستودعات أسلحة وصواريخ. وذكرت المعارضة أنها غنمت ثلاث دبابات إضافية خلال عملياتها في ريف إدلب.
في ظل المعارك، تعرضت بلدتا دارة عزة وأتارب في ريف حلب الغربي لغارات جوية روسية أسفرت عن مقتل 12 مدنيًا، بينهم أربعة أطفال، وإصابة 30 آخرين. ووفقًا للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، تسبب القصف والنزاع في نزوح مئات العائلات باتجاه الحدود التركية.
وزارة الدفاع السورية وصفت عمليات المعارضة بأنها "هجوم إرهابي واسع النطاق" مدعوم بأسلحة ثقيلة ومتوسطة. وأشارت إلى أن قواتها، بالتعاون مع *"القوات الصديقة"، تتصدى للهجوم، مؤكدة أنها كبّدت المعارضة خسائر فادحة.
من جهة أخرى، صرحت وزارة الدفاع التركية بأنها تراقب التطورات عن كثب وتتخذ احتياطاتها لحماية قواتها المنتشرة في شمال سوريا. هذا التصريح يأتي وسط تساؤلات حول دور تركيا في دعم تحركات المعارضة، خصوصًا في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم مع روسيا في مارس/آذار 2020.
التقدم الذي أحرزته المعارضة يعد الأول من نوعه منذ اتفاق التهدئة الأخير، مما قد يفتح الباب لمزيد من التصعيد. ويفتح الطريق أيضًا أمام إمكانية عودة المهجرين إلى مناطقهم، إذ تشير إدارة العمليات العسكرية إلى أن المناطق المحررة قد تسهم في تخفيف معاناة أكثر من 100 ألف شخص.
ومع اقتراب المعارضة من مدينة حلب بمسافة خمسة كيلومترات فقط، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد مواجهات أكثر حدة، في ظل استمرار الغارات الروسية والتمسك المتبادل بمكاسب الأرض.
ويبدو أن المشهد السوري سيبقى مفتوحًا على احتمالات معقدة، في ظل التداخل بين المصالح الإقليمية والدولية، وتأثير العمليات العسكرية على الوضع الإنساني المتدهور في شمال سوريا.