أخبار

انتفاضة 3 ديسمبر.. قصة إعلان الحرب بين علي عبدالله صالح وأنصار الله الحوثيين والنهاية المفاجئة

ترندي نيوز - خاص

في 3 ديسمبر 2017، شهد اليمن تحولًا جذريًا في مسار الحرب المستمرة منذ عام 2014. جاء الإعلان المفاجئ للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بفك شراكته مع جماعة أنصار الله (الحوثيين) وإعلان الحرب عليهم ليشعل الأوضاع ويغير التوازنات في الداخل اليمني والإقليم. هذه الخطوة، التي وُصفت بالانتفاضة، وضعت البلاد على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع، مع تداعيات تجاوزت حدود اليمن لتؤثر في الأمن الإقليمي والدولي.

خلفية المشهد السياسي والعسكري
على مدى سنوات، كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح أحد أبرز اللاعبين في المشهد السياسي اليمني، حيث حكم اليمن لمدة تزيد على ثلاثة عقود قبل الإطاحة به في عام 2012 إثر احتجاجات الربيع العربي. في أعقاب ذلك، تحالف صالح مع جماعة الحوثيين في عام 2014، وهي الجماعة التي كانت خصمًا تقليديًا له خلال فترة حكمه.

هذا التحالف غير المتوقع شكَّل محورًا رئيسيًا في مواجهة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية. سيطر التحالف الحوثي-صالح على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، مما دفع البلاد إلى أتون حرب شاملة.

على الرغم من الشراكة التي جمعت بين صالح والحوثيين، كانت الخلافات بينهما تتراكم بهدوء. صالح شعر تدريجيًا بتآكل نفوذه لصالح الحوثيين الذين باتوا يسيطرون على القرار السياسي والعسكري في صنعاء، في حين كان يشعر أن دوره يتقلص إلى مجرد واجهة رمزية.

ازدادت حدة التوترات بين الطرفين مع بروز خلافات حول إدارة المناطق التي يسيطرون عليها، واقتسام الموارد المالية والسلطة. تصاعدت المواجهات الإعلامية بين الطرفين في الأسابيع التي سبقت الانتفاضة، مما مهّد للإعلان المفاجئ لصالح بفك الارتباط مع الحوثيين.

انتفاضة 3 ديسمبر: إعلان المواجهة
في صباح يوم 3 ديسمبر 2017، أعلن علي عبد الله صالح بشكل علني فك شراكته مع الحوثيين ودعا الشعب اليمني إلى الانتفاض ضدهم. وصف الحوثيين بأنهم "مليشيات خارجة عن القانون" واتهمهم بتدمير البلاد وتكميم الأفواه والاستئثار بالسلطة.

وقال صالح في خطاب بثته قناة اليمن اليوم: "أدعو كل أبناء الشعب اليمني في كل المحافظات الذين عاشوا تحت ظل هذه المليشيات المجرمة لسنوات إلى أن يهبوا هبة رجل واحد للدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة."

بعد الإعلان، اندلعت مواجهات عنيفة بين القوات الموالية لصالح والحوثيين في العاصمة صنعاء وعدة مناطق أخرى. سعت قوات صالح لاستعادة السيطرة على مواقع استراتيجية كانت تحت قبضة الحوثيين، بما في ذلك بعض المعسكرات والمرافق الحكومية.

المواجهات التي استمرت لأيام، شهدت أعمال عنف غير مسبوقة داخل صنعاء، حيث تحولت أحياء بأكملها إلى ساحات حرب. واجهت قوات صالح صعوبة كبيرة في الصمود أمام الحوثيين الذين كانوا يتمتعون بقدرة تنظيمية وعسكرية أكبر، مدعومين بشبكة من الحلفاء المحليين والإقليميين.

النهاية المأساوية لصالح
لم تدم انتفاضة صالح طويلًا، ففي 4 ديسمبر 2017، أعلنت جماعة الحوثي مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح في كمين أثناء محاولته الفرار من العاصمة صنعاء باتجاه مسقط رأسه في مديرية سنحان.

نشر الحوثيون مقطع فيديو يظهر جثة صالح، وهو مشهد أثار صدمة كبيرة داخل اليمن وخارجه. بمقتله، انتهت مرحلة سياسية في تاريخ اليمن الحديث، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع في غياب شخصية محورية كانت تملك مفاتيح التأثير في الداخل والخارج.

التداعيات على الساحة اليمنية
كان لمقتل علي عبد الله صالح تداعيات كبيرة على الوضع السياسي والعسكري في اليمن.

تعزيز سيطرة الحوثيين على صنعاء، فبعد القضاء على صالح وقواته، بسط الحوثيون سيطرتهم بشكل كامل على العاصمة صنعاء، وأصبحوا الطرف الأقوى في المناطق الشمالية والغربية من اليمن.

وقد جاء مقتل صالح ليعيد ترتيب التحالفات في اليمن. انضمت العديد من القوى التي كانت موالية لصالح إلى صفوف الحكومة الشرعية أو التحالف العربي، في محاولة لإعادة التوازن العسكري ضد الحوثيين.

وزادت هذه الأحداث من تعميق الانقسامات داخل المجتمع اليمني، حيث وجد أنصار صالح أنفسهم في مواجهة خصومهم الحوثيين دون دعم واضح أو قيادة موحدة.

وقد اعتُبر مقتل صالح خسارة استراتيجية للتحالف العربي بقيادة السعودية، حيث كان يُعوَّل عليه لتقويض نفوذ الحوثيين وإضعافهم من الداخل.

وتزامنت انتفاضة 3 ديسمبر مع تصاعد التوتر الإقليمي بين إيران والسعودية، حيث دعمت إيران الحوثيين بشكل كبير في مواجهة التحالف العربي. أثارت هذه التطورات اهتمامًا دوليًا واسعًا، إذ أظهرت تعقيد الأزمة اليمنية وصعوبة التوصل إلى حل سياسي شامل.

محاولة فهم التحرك الأخير لصالح
أثار إعلان صالح فك ارتباطه بالحوثيين تساؤلات حول دوافعه الحقيقية. يرى محللون أن خطوته جاءت نتيجة شعوره بالتهديد الشخصي المتزايد من الحوثيين، بالإضافة إلى إدراكه أن التحالف معهم أصبح عبئًا سياسيًا وشعبيًا. كما سعى صالح، في اللحظة الأخيرة، إلى إعادة ترميم إرثه السياسي عبر تقديم نفسه كمنقذ للوطن، ولكن تحركاته جاءت متأخرة ولم تجد الدعم الكافي.

كانت انتفاضة 3 ديسمبر 2017 واحدة من المحطات المفصلية في الحرب اليمنية. كشفت عن هشاشة التحالفات القائمة بين القوى المتصارعة، وأكدت أن الصراع في اليمن يتجاوز الخلافات المحلية ليصبح جزءًا من معادلات إقليمية ودولية أوسع.

مع ذلك، أثبتت هذه الانتفاضة أن الحلول العسكرية وحدها لن تكون كافية لإنهاء الصراع في اليمن. بدلاً من ذلك، يتطلب الوضع حلاً سياسيًا شاملاً يعالج جذور الأزمة ويعيد لليمنيين الأمل في السلام والاستقرار.

المصدر: ترندي نيوز
زر الذهاب إلى الأعلى